الشناق تكتب: وظيفة وحيدة… وطوابير بلا نهاية.. الإعلام في ظل وفرة الخريجين وانعدام الفرص ـ بقلم: نجوى صالح الشناق

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


ما بين الحلم والواقع… مسافة لا تُقاس بالأميال، بل بطول طوابير الانتظار. خيطٌ شفاف يفصل بين من يحصل على فرصة، ومن يظل واقفًا على هامش المشهد، يحمل أوراقه بيد، وصوته باليد الأخرى. هكذا وجدت نفسي ذات يوم أمام إعلان وظيفي في الصحافة والإعلام، تملأه وعود مكتومة. بدا في ظاهره فرصة، لكنه كغيره من الإعلانات، لم يأتِ ليكسر الصمت، بل ليؤكده. فقد باتت هذه الإعلانات مرآة لواقع مُغلق؛ الآلاف يتزاحمون على شاغر يتيم، ومقاعد الفرص تضيق أكثر مع كل دفعة جديدة تخرج من الجامعات.هذه ليست حكاية فردية، بل مشهد جماعي متكرر، يتقاسمه خريجو الصحافة والإعلام منذ سنوات. شهادات معلّقة على الجدران، وسِيَر ذاتية تراكمها الغبار، تنتظر دورًا لا يأتي. آلاف المؤهلين يقفون في طوابير لا تتحرك، يملؤهم الشغف والجاهزية، لكن الأبواب إما مغلقة، أو لا تُفتح إلا على استحياء.لكن… لماذا يُترك هذا الكمّ من الخريجين بلا أفق؟لماذا يُحرَم خريج الإعلام من تدريس مادة “الثقافة الإعلامية” في المدارس، وهي صلب تخصّصه؟ومن الذي يقرر أن هذه الكفاءة لا تستحق أن تكون في المكان الأقرب إلى طبيعتها الأكاديمية؟الأغرب من ذلك، أن هذه الطوابير الطويلة لا تملك حتى حق الاقتراب من أبسط فرص العمل المتعلقة بتخصصها. ويُفتح الباب لتخصصات أخرى، وكأن خريجي الإعلام غرباء عن مهنتهم، في وقت تحتاج فيه المدارس إلى معلمين قادرين على ترسيخ الوعي الإعلامي لدى الطلبة.رغم أن الإعلام من أكثر التخصصات التي تفرزها الجامعات سنويًا، إلا أنه من أقلها حظًا في سوق العمل. تُطرح وظائف محدودة كل بضع سنوات، لا تكفي حتى لكسْر الصمت. المشكلة لا تكمن في المؤهلات، بل في غياب سياسات توظيف عادلة ورؤية وطنية تستثمر هذه الطاقات وتمنحها دورًا في بناء الوعي العام.هل المشكلة في كثرة الخريجين؟ أم في محدودية المسارات المهنية المتاحة؟هل الدولة مستعدة لإعادة النظر في تمكين هذا التخصص؟أم أن الإعلام سيظل حبيس الشعارات بلا دور فعلي في المؤسسات التعليمية والمجتمعية؟ما نحتاجه ليس فقط شواغر، بل عدالة حقيقية في توزيع الفرص، وإعادة اعتبار لتخصص الصحافة والإعلام كجزء من منظومة التنوير الوطني. نحتاج إلى أن يشعر خريج الإعلام أنه جزء من مشروع وطني، لا رقمًا عاطلًا في سجلّ الانتظار.بين الصبر والإقصاء، يقف الإعلامي الأردني حاملًا كلمته… يبحث عن منبرٍ لم يُفتح له بعد.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً