«المعالجون» وابتكار قراءة سورة البقرة بشكل يومي

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في فتوى سابقة للَّجنة الدائمة للإفتاء، قالت: إنَّ ما يمارسه بعض الرُّقاة من طلب قراءة سورة البقرة يوميًّا لمَن يطلبون منهم الرُّقية بدعةٌ، ما فعلها رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ولا أصحابه أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي -رضي اللهُ عنهم أجمعين-، كما ذكر ذلك معالي الشيخ الدكتور عبدالله المطلق، وقراءة سورة البقرة يوميًّا طريقة درج عليها بعض الرُّقاة، فيكلِّفون بعض مَن يقصدونهم من المرضى بضرورة قراءتها يوميًّا، ومن ثمَّ يظهر عليهم الإرهاق، والشعور بالنَّوم، والتَّعب، فيقول لهم الرُّقاة إنَّ ذلك دلالة على أنَّ معكم سحرًا، أو عينًا، أو جنًّا، وأنَّهم بالتالي بحاجة إلى الرُّقية.

وهناك من الرُّقاة مَن يربطون حالات بعض النَّاس في عدم قدرتهم على إتمام قراءة سورة البقرة، هو بسبب أنَّ قرينه من الجنِّ لا يتحمَّل سماع القرآن، وبالتالي يسبِّب له التَّعب، والنَّوم، ويحتاج مَن يقرأ عليه؛ لإخراج ما مسَّه من الجنِّ، أو السحرِ، أو العينِ، فبعض الرُّقاة ليسوا إلَّا أشخاصًا تنكَّبوا الطريق، يستغلُّون النَّاس من خلال حاجتهم، وضعفهم الإيمانيِّ.

على ذكر الدجَّالين، قبل أسبوع كنتُ في مناسبة، وإذا برجلٍ متعلَّمٍ يبلغ من العمر الثَّمانين عامًا، إذا به يقول: ذهبتُ إلى أعلى جبلٍ في مدينة من المدن، وضرب له شيخٌ من مشايخ الدَّجل الكفَّ، وأخبره أنَّه سيعيشُ مئة وثلاث سنوات، وبعدها سيموت. فقلتُ له: دعنِي أرَ كفَّك، فنظرتُ فيهِ فإذا هُو كفٌّ لا ينبئك عن أيِّ شيءٍ سوى أنَّه كفُّ إنسان ترهَّلت خلايَا جلده، وشاخت من مداد السِّنين، فبعد قراءة كفِّه على طريقتِي الخاصَّة بشَّرته أنَّه سيعيشُ مئة وعشرين عامًا، ففرح وتهلَّل وجههُ، وصدَّق ما قلتُ لهُ، إلَّا أنَّه تراجع عن ذلك بعد ما أخبرته أنَّ ما عمله بالذهاب إلى المنجِّم عملٌ محرَّمٌ شرعًا، وفيه تغليظٌ من رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- حيث يقولُ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَألَهُ عَنْ شَيءٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا قَالَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أرْبَعِينَ يَومًا»، وإنَّ ما قلته له إنَّما هو مجرَّد مداعبة.

أعودُ مرَّة أُخْرى لأقول: مع أنَّ القرآن الكريم كلام الله، وهو مقدس، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، خاصَّةً سورة البقرة التي جاءت الأحاديث النبويَّة في فضل قراءتها، وطردها للشياطين من البيت، إلَّا أنَّ الأخذ بها قراءة كلَّ يومٍ على طريقة بعض الرُّقاة، وتوصيف ما يحدث عند قراءتها أنَّه مسٌّ، وجِنٌّ، وعَينٌ، وسِحرٌ، إنَّما هو كذبٌ، وحقيقته ليس إلَّا تكليف النَّفس ما لا تطيقُ، والجسم ما لا يطيقُ، فيظهر عليه الإرهاقُ، والتَّعبُ.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً