تحديات الاقتصاد في العالم العربي مستقبلاً

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


                 تحديات الاقتصاد العربي لها ملامح يعلمها الجميع، كما أنها واضحة من خلال مؤشرات الاقتصاد الكلي والتنمية البشرية، سواء من ارتفاع نسب التضخم والبطالة، مروراً بارتفاع نسب الأمية، ووصولاً إلى تحديات التغيرات المناخية، ولمحاربة ما يمكن أن نسميه اقتصاد اليأس في العالم العربي لا بد من تعريف الكفاءات من خلال منظور إداري شامل، وألا تكون المناصب التنفيذية المؤثرة لمجرد أنصاف المتعلمين والحالمين بالشهرة دون تقديم أي قيمة اقتصادية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية حقيقية، وبعد كل التطورات في المنطقة يمكن القول إن الطرق جميعها مغلقة ولا حلول إلا بالعلم وصناعة قوة اقتصادية حقيقية واسترجاع هوية وطنية وحوكمة إدارية وديمقراطية مؤسسية وجيوش وطنية ذات عقيدة ووعي مجتمعي يحمي المكتسبات الوطنية في إطار تعاون إقليمي مثمر.من يملك المعلومة يصنع المستقبل، ومع التطورات التقنية الكبيرة تظل هناك تحديات كبيرة للوصول إلى تنمية اقتصادية حقيقية، وعلى قمة هذه التحديات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتعددة وخصوصاً في الصناعة.
ويمكن القول إن للمؤسسية العلمية والفكرية دوراً في التنمية الاقتصادية، على سبيل المثال يمكن القول إن مؤسسة رند الأميركية للأبحاث قدمت نموذجاً لذلك حيث أسهمت في توطين الابتكار العسكري، كما أنها تزود صناع القرار بتحليلات دقيقة لاتخاذ قرارات اقتصادية واقعية ومبتكرة على أساس علمي، كما أن لها بصمة في أبحاث الذكاء الاصطناعي والابتكار والطاقة والصحة وتتعاون على نحو مباشر مع المؤسسات الحكومية الأميركية.

وهناك فرص وجهود حقيقية في العالم العربي، حيث يمكن القول إن الإمارات تُعد من أكثر الدول العربية استثماراً واهتماماً بالتقنية، وتسير وفق رؤية استراتيجية لتحويل اقتصادها من معتمد على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وقطعت شوطاً كبيراً في تطبيق ذلك بالفعل، وفي مجال الذكاء الاصطناعي تم استحداث وزارة الذكاء الاصطناعي، وتعد أول وزارة من نوعها في العالم، ويتوقع أن تكون مساهمة الذكاء الاصطناعي بنحو 96 مليار دولار بالاقتصاد الإماراتي بحلول عام 2030 وفقاً لتقرير لشركة PwC.كما أن السعودية لديها طموح أن تكون من بين أفضل 15 دولة عالمياً في الذكاء الاصطناعي وهناك تقديرات أن يسهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 135.2 مليار دولار في الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030، قطر لديها مؤسسات علمية مثل واحة قطر للتكنولوجيا ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع يمكنها الربط بين البحث العلمي والسوق الصناعي، المغرب قدم نموذجاً صناعياً رائعاً، حيث يُعتبر إحدى أبرز الدول الإفريقية والعربية في صناعة السيارات وتصديرها خاصة إلى أوروبا، وفقاً لبعض التقديرات بلغت قيمة صادرات المغرب من السيارات نحو 14 مليار دولار تقريباً عام 2023.مصر لديها فرص في بعض الصناعات وخصوصاً في صناعات الأجهزة الكهربائية والملابس الجاهزة والدواء على سبيل المثال تشير بعض التقديرات إلى أن قيمة صادرات مصر من الأدوية في عام 2024 بنحو 1.2 مليار دولار تقريباً، كما أنه وفقاً لتقرير المجلس التصديري للصناعات الهندسية، بلغت صادرات السلع الهندسية نحو 5.768 مليار دولار تقريباً خلال عام 2024. وفقاً لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (الإسكوا)، تحت عنوان «الأحجام الحقيقية للاقتصادات العربية بين عامي 2017 و2023 فإن الناتج المحلي الإجمالي ليشكل نحو 5 % تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي قيمة لا تتناسب مع الإمكانيات الفعلية في العالم العربي.في نهاية الأمر لا بد من وضع خطة استراتيجية عربية مجمعة تضمن تعظيم الموارد الاقتصادية العربية من خلال تحقيق تكامل الموارد في صورة مؤسسية، ينتج عنها شركات أو مؤسسات متخصصة مع ضمان تخطيط سلاسل الإمداد من الخامات إلى البيع للمستهلك النهائي سواء في العالم العربي أو التصدير للخارج، ويمكن تمويل هذه الخطة من خلال إعادة توجيه بعض الاستثمارات العربية وخصوصاً الخليجية داخل الوطن العربي، بالإضافة إلى النظر في إمكانية طرح هذه الكيانات المحتملة في أسواق الأوراق المالية العربية للتمويل، ولذلك فالاهتمام بالعلم والتكنولوجيا والصناعة أصبح ضرورياً للبقاء وليس مجرد رفاهية.تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً