أمد/ تل أبيب: أعرب وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوما على الأقل في المستقبل غير البعيد، وتحدث بتفصيل أكثر من أي وقت مضى عن الخطط التي قد تضعها إسرائيل لغزة بعد الحرب، حتى مع احتفاظه بالغموض بشأن بعض النقاط الرئيسية.
ونقلت وسائل إعلام عبرية أن كاتس، قال إنه تم الاتفاق مبدئيا على أن حماس ستعيد 10 رهائن أحياء ونحو نصف الرهائن المتوفين، وهو ما يخفض عدد الرهائن الذين تحتجزهم حماس من نحو 50 إلى نحو 25 (كان عددهم في الأصل نحو 250).
وقال كاتس أيضا إنه تم الاتفاق بشكل أساسي على أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من معظم 75% من أراضي غزة، التي سيطر عليها منذ مارس/آذار، وحتى أكثر من ذلك منذ مايو/أيار، مع الاحتفاظ بمحيط أمني بنفس الحجم أو أكبر مما احتفظ به بعد وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني.
إن الخلافات المتبقية التي يتعين حلها حاليا أو خلال فترة وقف إطلاق النار الممتدة لـ 60 يوما تتعلق بما يلي: 1) شروط إنهاء الحرب، وخاصة فيما يتصل بموقف حماس؛ 2) قضايا إنسانية مختلفة، مثل ما إذا كانت مؤسسة غزة الإنسانية في جنوب غزة سوف تستمر في العمل؛ و3) أين سيكون محيط الأمن الإسرائيلي الجديد.
وبحسب كاتس فإن حماس تقبل الآن بأن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على ممر فيلادلفيا.
وقال إن الأمر الأقل يقينا هو ما إذا كانت إسرائيل ستتمسك بممر موراج الجديد والتقاطع، الذي أنشأته لفصل رفح عن خان يونس وخلق سيطرة أكبر للجيش الإسرائيلي في عمق وسط جنوب غزة.
ولا تزال حماس تحاول التمسك بالقدرة على امتلاك السلاح، حتى لو كان ذلك سراً، والحفاظ على نفسها كمنظمة سياسية، حتى لو لم تكن مسؤولة رسمياً، من أجل محاولة السيطرة على غزة من وراء الكواليس.
ويريد كاتس والحكومة طرد قيادة حماس، رغم أنه لا يستطيع الإجابة عن القيادة التي يسعى إلى طردها، نظراً لأن إسرائيل قتلت بالفعل جميع قادة حماس الكبار تقريباً على مدى الأشهر العشرين الماضية، من صالح العاروري إلى مروان عيسى إلى إسماعيل هنية إلى محمد ضيف إلى يحيى السنوار إلى محمد السنوار وكثيرين غيرهم.
وعلى نحو مماثل، يريد كاتس والحكومة إبقاء مؤسسة الغذاء العالمية قائمة لمواصلة كسر سيطرة حماس على الغذاء في غزة، أو على الأقل في جنوب غزة.
كاتس يقر بإنشاء مناطق إنسانية جديدة في رفح لسكان غزة خالية من حماس
وكان الكشف الجديد الذي كشفه كاتس هو أن وزارة الجيش ستبني منطقة إنسانية جديدة في منطقة رفح لاستيعاب ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، والتي ستكون خالية من حماس.
إن أي شخص يدخل المنطقة سوف تكون قدرته على الدخول والخروج منها محدودة، ولن يُسمح له بالدخول إلا بعد فحصه بعناية بحثاً عن أسلحة، ولكن بمجرد دخوله، سوف يُنظر إلى المدنيين الفلسطينيين على أنهم آمنون من وجهة نظر جيش الدفاع الإسرائيلي التي تحتاج إلى الحذر من التهديدات، وكذلك من وجهة نظر المدنيين التي تؤكد أنه لن تكون هناك هجمات إسرائيلية هناك.
وبالإضافة إلى ذلك، كان الضمن هو أن المنطقة سوف يتم تزويدها بما يكفي من الغذاء والمأوى للعيش مع قلق أقل يوميا بشأن الصعود والهبوط في مثل هذه القضايا خلال الحرب الحالية.
وعلى نطاق أوسع، قال كاتس إن الغرض من هذه المنطقة هو إبعاد مجموعات كبيرة، وربما أكبر في المستقبل، من المدنيين الفلسطينيين عن سيطرة ونفوذ حماس بشكل دائم.
والأمل هو أن تساعد هذه المنطقة الإنسانية الجديدة في عزل حماس عسكريا، وإضعاف حكمها على نطاق أوسع تدريجيا من خلال إظهار لعدد أكبر من الفلسطينيين أنهم يستطيعون العيش بشكل أفضل بدون حماس في السلطة مقارنة بحالتهم مع وجودها في السلطة.
وأشار كاتس أيضًا إلى تاريخ لاحق عندما يتم إدارة غزة من قبل مجموعة مختلطة من اللاعبين الدوليين والإقليميين، مثل مصر والإمارات العربية المتحدة والأردن والسعودية والولايات المتحدة، وربما آخرين.
ولكنه واصل إصراره على أن السلطة الفلسطينية لن يكون لها دور في إدارة غزة، وليس حماس فقط بل وجميع حلفاء إسرائيل العرب المذكورين أعلاه الذين تحتاج إليهم إسرائيل للمساعدة في إعادة بناء وإدارة غزة قالوا إنهم لن يشاركوا ما لم تشارك السلطة الفلسطينية.
في المراحل الأولى من الصراع، اقترح مسؤولون أمنيون إسرائيليون وبعض المسؤولين الأميركيين ومسؤولون دوليون إشراك السلطة الفلسطينية ليس بالاسم ولكن من خلال وجود مسؤولين معروفين بالانتماء إليها، للمساعدة في إدارة العرض.
خلال تلك المراحل المبكرة، رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مثل هذه التنازلات، على أمل إبقاء السلطة الفلسطينية خارج العملية بالكامل، ورفضت السلطة الفلسطينية أي تدخل دون الاعتراف الرسمي بدورها في غزة.
ومن غير الواضح ما إذا كان أي من الأطراف قد يكون أكثر مرونة في مواقفه بشأن هذه القضية في هذه المرحلة.
كاتس يقول إن محاولة الجيش الإسرائيلي السيطرة على القطاع بأكمله تعرض الرهائن للخطر دون داعٍ
وكان التغيير الآخر هو أن كاتس اعترف صراحة بأن استمرار الحرب في الجزء الذي يشكل 25% من قطاع غزة والذي لا تسيطر عليه إسرائيل بعد من شأنه أن يعرض الرهائن الإسرائيليين المتبقين الذين تحتجزهم حماس للخطر دون داع.
هذا هو التوجه الجديد الذي يتبناه أيضًا رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، الفريق إيال زامير، في سعيه لإنهاء الحرب.
حتى الآن، كان الخط المعتاد لنتنياهو وكاتس والحكومة هو أن المزيد من الضغوط العسكرية والهجمات ستكون دائما مفيدة، وليست ضارة، في دفع حماس إلى إعادة المزيد من الرهائن.
ضرب إيران
استيقظت المنطقة في 13 يونيو الماضي، على واحدة من أخطر الضربات الإسرائيلية في العمق الإيراني، ضمن عملية عسكرية سميت “عام كلافي”.
ويكشف كاتس، في إحاطة عقدت اليوم الاثنين أن هذه الضربة جاءت نتيجة لتحضير استراتيجي طويل.
تكشف إحاطة كاتس عن تفاصيل غير مسبوقة حول مسار التحضير للعملية. البداية كانت في اجتماع أمني في نوفمبر 2023، حيث اتخذ قرار أولي بتنفيذ هجوم محدود ضد منشأة فوردو النووية، أطلق عليه اسم “عملية الأزرق والأبيض”. في تلك المرحلة، لم تكن إسرائيل تملك بعد القدرة الكاملة على الوصول بعمق إلى قلب إيران والضرب المتكرر هناك، وهو ما وصفه كاتس بـ”دور البديل”، أي قدرة سلاح الجو على التصرف بمعزل عن الغطاء الأمريكي، وهي قدرة لم تكن موجودة من قبل. يقول كاتس: “لولا تطوير هذا الدور، لما كانت هناك عملية في إيران. لقد غير المعادلة تماما”.
بالتوازي، كانت الاستخبارات العسكرية تطور خططا مساعدة: أولها عملية “نارنيا” التي استهدفت العلماء المشاركين في المشروع النووي الإيراني، وثانيها خطة لتعطيل نظام القيادة والسيطرة (CCS) لإفقاد إيران قدرتها على التنسيق والرد الفوري، وثالثها ضربة افتتاحية تنفذ ضد أبرز قادة الأمن الإيرانيين.
في اجتماع عقد في ديسمبر، طرحت فكرة استهداف “القيادة” لضرب المعنويات والقدرات القيادية، وجاءت عملية “الزفاف الأحمر” لتجسيد هذا التوجه، حين اغتيل عدد من كبار قادة الحرس الثوري، ومنهم قائد سلاح الجو أمير علي حاجي زادة.
في يناير، وخلال اجتماع رمزي حمل اسم “هيلا”، صيغ الهدف السياسي للعملية: شل البرنامج النووي الإيراني مؤقتا، وفرض معادلة ردع جديدة قد تطيل أمد الاستقرار. عند هذه النقطة، بدأ التمهيد لعملية أوسع وأكثر جرأة، أُطلق عليها لاحقا اسم “خطة التورنادو”، تهدف إلى إحداث تأثير مفاجئ وعنيف في عمق طهران.
في 29 مايو، تمت المصادقة على الخطة، والتي تضمنت ضربات مركزة تستهدف منشآت حساسة في العاصمة الإيرانية، وسط تعتيم إعلامي واستبعاد صريح لمشاركة أمريكية علنية.
في مايو، تم تفعيل توجيه “P+7” الذي يعني الجاهزية لتنفيذ الهجوم خلال سبعة أيام.
جانب من الدمار في تل أبيب جراء الصواريخ الإيرانية / Globallookpress
النقاش الأمني، الذي وصل ذروته في اجتماع 22 مايو، اعتبر “الضوء الأخضر الأمريكي” عاملا حاسما، لكنه لم يكن شرطا مطلقا. وأوصى وزير الدفاع بضرورة تنسيق التوقيت مع واشنطن، ولو من باب الحفاظ على إدارة التصعيد.
في بداية يونيو، رفعت درجة التأهب إلى “P+3″، أي ثلاثة أيام للانطلاق، وبدأت الاستعدادات اللوجستية والعسكرية، بما في ذلك نشر آلاف الجنود في مهام مرتبطة بالعملية، التي عرفت باسمها الكامل: “عام كلافي”.
في الساعات الأولى من 12 يونيو، نفذت إسرائيل الضربة الافتتاحية التي وصفتها مصادر عليا بأنها “أحبطت هجوما إيرانيا واسعا كان وشيكا”.وبحسب كاتس، فإن بعض القيادات الإيرانية كانت على علم باحتمال شن هجوم، لكنها لم تتخذ التدابير اللازمة، ما أدى إلى مقتل عدد من القادة الكبار.
الضربات لم تكن ثابتة، بل تم تعديل الأهداف لحظيا بحسب التطورات الاستخباراتية والميدانية.
الأهمية، وفق مصادر عسكرية، لم تكن في تدمير منشأة بعينها، بل في التأثير التراكمي الذي أضعف قدرات إيران الدفاعية والتنموية، وأوصل رسالة بأن يد إسرائيل باتت قادرة على الوصول في أي لحظة.