سوريا تنتقل إلى مرحلة جديدة.. المجلة الأردنية في السياسة والمجتمع تستعرض التغييرات في سوريا بعد الأسد

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


مدار الساعة – أصدر معهد السياسة والمجتمع العدد الثالث من مجلته النصف سنوية، المجلة الأردنية للسياسة والمجتمع(JPS)، والذي يحمل العنوان: “سوريا في حقبة جديدة؟”، وهو عدد خاص يتناول التحولات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وما أفرزته من تداعيات محلية وإقليمية واسعة تمتد لعموم الشرق الأوسط. في تقديمه للعدد، يرى عبد الكريم الكباريتي، رئيس الوزراء الأردني الأسبق ورئيس المجلس الاستشاري للمجلة، أن ما يجري في سوريا يمثّل فرصة نادرة لإعادة تعريف مفاهيم الدولة والأمن والتحالفات في الشرق الأوسط. ويشير إلى أن غياب الرؤية العربية الجامعة قد أفسح المجال لتدخلات خارجية واسعة، مؤكدًا أهمية أن تضطلع عمّان بدور ريادي في تشكيل مقاربة جديدة تجاه الجوار السوري، تقوم على الواقعية والمصلحة الوطنية بدلًا من العواطف والنوستالجيا.يفتتح العدد بحوار خاص مع الدكتور رضوان زيادة، المفكر السوري البارز في قضايا التحول السياسي، حيث يناقش ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا، ويؤكد على ضرورة بناء نظام ديمقراطي يقوم على المواطنة المتساوية، مع تجنب المحاصصات الطائفية. كما يتناول الحوار قضايا العدالة الانتقالية وعودة اللاجئين، مشيدًا بالدور الأردني في دعم الاستقرار والإعمار، معتبراً أن القيادة السورية الجديدة، ممثلة بأحمد الشرع، تمثل عامل توازن مهم في هذه المرحلة.تضمن العدد نخبة من المواد الموسعة؛ إذ يناقش الباحث السوري نجيب غضبيان، تحديات الحوكمة الانتقالية في سوريا، مسلطًا الضوء على المسار الدستوري المؤقت بوصفه انعكاسًا لمراحل التحول الديمقراطي. أما الباحث معن طلاع، فيتناول إشكاليات العقيدة العسكرية السورية، ويدعو إلى إعادة هيكلة الجيش بما يضمن الحرفية وتوازن السلطة بعيدًا عن الطائفية. في حين يقدم في الاقتصادي، الدكتور سنان حتاحت مقاربة لإعادة بناء الاقتصاد السوري بعد العقوبات، مؤكدًا على دور القطاع الخاص والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والحاجة إلى إصلاح البنية التحتية للاتصالات والتمويل والخدمات اللوجستية.يتبع ذلك استعراض ونقاش للدكتور عبد الرحمن الحاج لمعضلات بناء الدولة السورية الجديدة، مبيّنًا أن غياب العقد الاجتماعي وضعف المؤسسات والانقسامات الجغرافية والطائفية تفرض تحديًا كبيرًا، وتستلزم تصورًا جديدًا لدور المركز واللامركزية في الحكم. في حين يستعرض الباحث أسامة الشيخ علي مستقبل القضية الكردية في شمال شرق سوريا، محذرًا من فراغ استراتيجي محتمل بسبب غياب التوافق الوطني، ومشدّدًا على أهمية معالجة المطالب الكردية ضمن مشروع وطني لا يقصي أحدًا.وفي قراءة مختلفة، يتناول الدكتور محمد أبو رمان التحولات في مسار “هيئة تحرير الشام”، من جماعة جهادية إلى كيان سياسي، ويتساءل عن حدود هذا التحول وفرص اندماج الإسلاميين في النظام الإقليمي الجديد، وتأثير ذلك على مستقبل الإسلام السياسي في الشرق الأوسط. أما في مجال العلاقات الاقتصادية مع الأردن، فيقدم الدكتور غازي العساف تحليلًا لتأثيرات قرار رفع العقوبات عن سوريا في مايو 2025، معتبرًا إياه فرصة استراتيجية للأردن في مجالات التجارة والنقل والاستثمار. ويرى أن خسائر الأردن كانت جسيمة خلال الحرب، إلا أن مرفأ العقبة ومعبر جابر يمكن أن يتحولا إلى شريان رئيس لإعادة إعمار سوريا، داعيًا إلى تأسيس هيئة اقتصادية مشتركة بالتعاون مع شركاء خليجيين وأوروبيين.وإقليميًا، يقدّم الدكتور وليد حباس قراءة نقدية للسياسة الإسرائيلية تجاه سوريا ما بعد الأسد، من خلال تحليل الخطاب الرسمي والتحركات العسكرية في الجنوب، مسلطًا الضوء على محاولات إسرائيل استثمار الانقسامات السورية للحفاظ على نفوذها الحدودي. ويتناول الدكتور بيلغان أوزتورك الحسابات التركية الجديدة تجاه سوريا، موضحًا كيف انتقلت أنقرة من سياسة الاحتواء إلى الانخراط الاستراتيجي، معتبرًا أن سقوط الأسد مثّل نهاية كابوس جيوسياسي لتركيا، وفتح الباب أمام استعادة “العمق العربي” وتصفير الأزمات الأمنية. في حين يستعرض حسن جابر تطورات العلاقات الأردنية–السورية مخرجات تأسيس مجلس التنسيق الأعلى وتفعيل التعاون في ملفات المياه والطاقة إذ يمثّل نموذجًا لمأسسة التعاون الإقليمي بعد الصراع، والذي قد يفتح الباب لمنظور جديد حول “بلاد الشام” برؤية تكاملية.كما يناقش الدكتور فراس إلياس البعد العراقي في المسألة السورية، مركزًا على التداخلات الأمنية في البادية، ودور الفصائل المدعومة من إيران، والحاجة إلى تنسيق ثلاثي بين الأردن والعراق وسوريا لضبط الحدود ومواجهة الفواعل التخريبية. وأما من زاوية التحليل للدول الخليجية، يعرض الدكتور علي باكير ملامح التغير في سياسات مجلس التعاون الخليجي تجاه سوريا، مشيرًا إلى تقاطع المواقف القطرية والسعودية في دعم الحكومة السورية الجديدة، ويؤكد أن دول الخليج تملك فرصة محورية في إعادة الإعمار، محذرًا من تجاهل الحسابات الإسرائيلية في المشهد السوري. وفي إطار العلاقات الثنائية غير التقليدية.بالإضافة لذلك، تتناول الباحثة الأذرية لالا خليل زاده في مقالتها مسار التقارب بين دمشق وباكو بعد قطيعة استمرت أكثر من عقد، مشيرة إلى أن أذربيجان بدأت خطوات دبلوماسية وإنسانية رمزية تعكس رغبتها في المساهمة بإعادة إعمار سوريا، لا سيما في قطاعات الطاقة والزراعة والتعليم، من منطلق شراكة إسلامية ودور تنسيقي مع تركيا. في حين تسلط فرح أبو عيادة الضوء على تعقيدات عودة اللاجئين السوريين من الأردن، مركّزة على التحديات الاقتصادية داخل سوريا، والاعتبارات المعيشية التي تؤثر على قرار العودة، وسبل دعم العودة الطوعية الآمنة.من جهته، يرصد أري نايغل، مآلات السياسة الأمريكية تجاه سوريا الجديدة، معتبرًا أن رفع العقوبات يعكس تحوّلًا استراتيجيًا أمريكيًا هدفه تحجيم النفوذ الإيراني، ودعم الشركاء الإقليميين الفاعلين مثل الأردن، وضمان استقرار الساحة السورية بما يخدم مصالح واشنطن الأمنية. وتختتم أبرار العبويني مراجعة نقدية لكتاب مذكرات فاروق الشرع – الجزء الثاني، وفيه تفاصيل غير معلنة من كواليس النظام بين عامي 2000 و2015، خصوصًا في ملفات لبنان والعراق والربيع العربي، مما يجعل المذكرات وثيقة نادرة لفهم منطق الحكم في عهد الأسد.يخلص العدد إلى أن ما تشهده سوريا والمنطقة يمثل مفترق طرق تاريخيًا، يستدعي تجاوز المقاربات التقليدية نحو رؤى أكثر شمولًا تقوم على الشراكة، والمواطنة، والعدالة. كما يبرز الدور الإقليمي والدولي بوصفه عاملًا رئيسيًا في دعم هذا التحول، على المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية.لتحميل العدد انقر هنا



‫0 تعليق

اترك تعليقاً