يأتي تاسوعاء وعاشوراء هذا العام في يومي الجمعة والسبت، الموافقين 4 و5 يوليو 2025، وهو ما يطرح تساؤلات حول حكم صيام هذين اليومين تحديدًا، نظرًا لخصوصية كل منهما، فالجمعة يوم عيدٍ أسبوعيّ في الإسلام، والسبت من الأيام التي ورد فيها النهي عن إفراده بالصيام. ومع ذلك، فإن هذين اليومين يحملان من الفضائل ما يجعل صيامهما سنةً مؤكدة، لها مكانة كبيرة في الشريعة الإسلامية.
مكانة الصيام عند الله
الصيام عبادة متميزة أفردها الله عز وجل بأجر خاص، كما جاء في الحديث القدسي: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به”، هذه العبادة يتخلى فيها العبد عن شهواته وطعامه خالصًا لوجه الله، فكانت مكافأتها عظيمة.
للصائم فرحتان لا تضاهيهما لذة: فرحة عند فطره، وفرحة أكبر عند لقاء ربه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. وحتى رائحة فم الصائم، التي قد ينفر منها الناس، فهي عند الله أطيب من ريح المسك.
فضل الصيام
من عظيم فضل الصيام أنه جُنة من النار، وسترٌ من العذاب، ووقاية يوم القيامة، كما في حديث النبي: “الصيام جُنة من النار كجُنة أحدكم في القتال”. وهو باب من أبواب الجنة لا يدخل منه إلا الصائمون، باب “الريان”، يُنادى على أهله خاصة فيدخلونه، ولا يدخل معهم أحد.
الصيام شفاعة وتكفير
الصيام لا يكتفي بحجز الأجر لصاحبه، بل يشفع له بين يدي الله. يقول الصيام يوم القيامة: “منعته الطعام والشهوة، فشفّعني فيه”، فيُقبل شفاعته. كما أن صيام يوم واحد في سبيل الله يُبعد وجه العبد عن النار مسيرة سبعين خريفًا.
ويكفر الصيام الذنوب والخطايا، ويطهّر المسلم من فتن الحياة، كما في حديث: “فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصيام والصدقة”.
فضل خاص لعاشوراء وتاسوعاء
أما يوم عاشوراء تحديدًا، فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفّر ذنوب سنة كاملة ماضية، وقال: “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله”. ولئلا يُشابه اليهود الذين كانوا يصومونه منفردًا، أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى صيام تاسوعاء قبله، فقال: “لئن بقيتُ إلى قابل لأصومن التاسع”.
حكم صيام عاشوراء إذا وافق الجمعة أو السبت
رغم كراهة إفراد الجمعة أو السبت بالصيام، إلا أن موافقة عاشوراء أو تاسوعاء لهذين اليومين تُخرجهما من هذه الكراهة، لأن الصوم هنا تابع لسبب شرعي.
فصيام عاشوراء سنة مؤكدة، سواء وافق جمعة أو سبت، ولا حرج في ذلك.
وعلى ذلك إن صيام تاسوعاء وعاشوراء هذا العام له فضل عظيم، حتى وإن وافق يومي الجمعة والسبت، ولا ينبغي تفويت هذه الفرصة، لما في ذلك من مغفرة الذنوب، ورفعة الدرجات، ونيل الشفاعة، والعتق من النار.