بقلم احمد شتيه
باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى
فى لحظة فارقة من تاريخ مصر، خرج الملايين من المصريين يوم 30 يونيو 2013 ليكتبوا أعظم مشاهد الإرادة الشعبية، ثورة حقيقية استرد بها الشعب دولته من براثن جماعة اختطفت الوطن، وسعت إلى تقسيمه على أسس طائفية ومذهبية، وتنفيذ مشروع عابر للحدود لا يعرف للوطن قيمة ولا للهوية اعتبارًا.
لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد احتجاج شعبي، بل كانت وقفة مصيرية أجهضت مشروع الإخوان الذي أراد تحويل مصر إلى ولاية تحت حكم المرشد، تابعة لمخططات إقليمية، تمهّد للتقسيم وإشاعة الفوضى.
كانت الجماعة تحكم من خلف الستار، وتُحكِم قبضتها على مؤسسات الدولة، وتُمكِّن كوادرها في مواقع السلطة، وتُرسّخ وجودها في مفاصل القرار، فى أخطر محاولات الاختطاف السياسي لدولة بحجم مصر.
انطلقت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مسار مختلف كليًا، مسار إعادة بناء الدولة الحديثة على أسس الجمهورية الجديدة. تمت مواجهة الإرهاب في أقسى معاقله، وخاصة في سيناء، حيث خاضت القوات المسلحة والشرطة معركة وجود ضد التنظيمات الإرهابية المدعومة من الخارج، حتى تم دحرها وتطهير الأرض المقدسة من عناصرها.
كما سقط مشروع “الوطن البديل” الذي كان يُراد فرضه بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وكانت مصر سدًا منيعًا أمام هذا المخطط المشبوه، حيث رفضت الدولة المصرية، قيادة وشعبًا، أي مساومة على الأرض أو القضية الفلسطينية، مؤكدة أن سيناء مصرية خالصة، وأن القضية الفلسطينية تُحل بإقامة الدولة على حدود 1967.
شهدت القوات المسلحة المصرية أكبر عملية تطوير وتحديث في تاريخها الحديث، من حيث التسليح، العقيدة، التدريب، والتنوع الاستراتيجي في مصادر السلاح.
أصبح الجيش المصري قوة إقليمية يُحسب لها ألف حساب، ليس فقط في الدفاع عن الوطن، بل في دعم الاستقرار الإقليمي، والمساهمة في الأمن العربي والإفريقي.
على الصعيد الخارجي، استعادت مصر مكانتها التاريخية في محيطها الأفريقي، بعد سنوات من الغياب والتجاهل ، أعادت القاهرة بناء علاقاتها مع العواصم الأفريقية، وأصبحت شريكًا رئيسيًا في ملفات التنمية، الأمن، ومكافحة الإرهاب، كما عادت بقوة إلى الساحة الدولية، تُدير علاقاتها من منطلق الندية والمصالح المشتركة، وليس التبعية.
الجمهورية الجديدة التي دعا إليها الرئيس السيسي ليست مجرد شعارات، بل واقع يتحقق على الأرض، في صورة مشروعات عملاقة، وعاصمة إدارية جديدة، وتطوير شامل للبنية التحتية، والتعليم، والصحة، والاقتصاد. دولة تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، وتبني الإنسان المصري، وتُرسّخ مفهوم الدولة المدنية القوية.
في ذكرى 30 يونيو، نُدرك أن ما تحقق لم يكن ليتحقق لولا وعي شعب، وشجاعة قرار، ورؤية قائد. ثورة أنقذت وطنًا من مصير مظلم، وأعادت مصر إلى أبنائها، قوية، آمنة، مستقلة، وعزيزة الكلمة في المحافل الدولية. لقد كانت 30 يونيو بوابة العبور نحو مستقبل يليق بعراقة مصر وعظمة شعبها.
ظهرت المقالة 30 يونيو : نقطة تحول من فوضى الارهابية الى بناء الجمهورية أولاً على جريدة الصوت المصرية.