مدار الساعة -حسب الفقه الحنفي، هل إذا أمسك الإمام الميكروفون في يده وأمَّ الصلاة وعند تكبيرة الإحرام رفع يدا فقط بينما أمسك الميكروفون بالأخرى ثم واصل الصلاة بأكملها بإمساك الميكروفون في يده، صلاته صحيحة؟الجوابالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:أولا:رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام: سنة عند الحنفية، والجمهور.قال المرغيناني في الهداية (1/ 48): ” ” ويرفع يديه مع التكبير وهو سنة ” لأن النبي عليه الصلاة والسلام واظب عليه” انتهى.وقال الباربرتي في العناية (1/ 280): “رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ بِلَا خِلَافٍ”.وعليه؛ فكون الإمام يمسك الميكرفون بيد، ويرفع الأخرى فقط، لا يضر ، لأن رفع اليدين سنة مستحبة ، وليس واجبا ، فلا يترتب على الإخلال به بطلان الصلاة .والأولى أن يرفع يده التي يمسك بها الميكرفون أيضا ، لا سيما على قول من يقول: يرفع أولا ثم يكبر، وكذا على القول بالمقارنة، فإنه يتأتى ذلك أيضا.قال في الهداية في الموضع السابق: “والمحكي عن الطحاوي، والأصح: أنه يرفع يديه أولا، ثم يكبر ” انتهى.ثانيا:ذهب الحنفية إلى أن العمل يفسد الصلاة إذا كان كثيرا.قال في مراقي الفلاح، ص120: “و” يفسدها “العمل الكثير” لا القليل.والفاصل بينهما: أن الكثير هو الذي لا يشك الناظر لفاعله أنه ليس في الصلاة، وإن اشتبه فهو قليل على الأصح.وقيل في تفسيره غير هذا، كالحركات الثلاث المتواليات كثير، ودونها قليل” انتهى.قال الطحطاوي في حاشيته عليه: ” قال ابن أمير حاج: والمراد من الناظر: من لا علم له بكونه في الصلاة” انتهى.وفي بيان ضابط العمل الكثير، قال الزيلعي رحمه الله في تبيين الحقائق (1/ 164): ” ويكره أن يروح على نفسه بمروحة، أو بكمه، ولا تفسد به الصلاة، ما لم يكثر؛ لأن العمل القليل غير مفسد اتفاقا، والكثير مفسد، واختلفوا في الفاصل بينهما، وهو على خمسة أقوال:الأول: أن ما يقام باليدين عادة: كثير – وإن فعله بيد واحدة – كالتعميم ولبس القميص وشد السراويل والرمي عن القوس.وما يقام بيد واحدة: قليل وإن فعله بيدين، كنزع القميص وحل السراويل ولبس القلنسوة ونزعها ونزع اللجام، وما أشبه ذلك.والثاني: أن الثلاث المتواليات كثير، وما دونه قليل، حتى لو روح على نفسه بمروحة ثلاث مرات، أو حك موضعا من جسده، أو رمى ثلاثة أحجار، أو نتف ثلاث شعرات، فإن كانت على الولاء: تفسد صلاته، وإن فصل لا تفسد وإن كثر.والثالث: أن الكثير ما يكون مقصودا للفاعل، والقليل بخلافه.والرابع: أن يفوّض إلى رأي المبتلى به، وهو المصلي، فإن استكثره كان كثيرا، وإن استقله كان قليلا.وهذا أقرب الأقوال إلى دأب أبي حنيفة؛ فإن من دأبه أن لا يقدّر في جنس مثل هذا بشيء، بل يفوضه إلى رأي المبتلى به.والخامس: أنه لو نظر إليه ناظر من بعيد، إن كان لا يشك أنه في غير الصلاة، فهو كثير مفسد للصلاة، وإن شك فليس بمفسد، وهذا هو الأصح” انتهى.وإذا واصل الإمام الصلاة ممسكا الميكرفون في يده، ويده الأخرى تحت سرته، فهذا عمل قليل لا يفسد الصلاة؛ لأن الناظر إليه لن يجزم أنه ليس في صلاة، بل قد لا يشك في ذلك.وكذا لو لم يضع يده اليسرى تحت سرته، فإن الناظر غايته أن يشك أنه ليس في الصلاة، وهذا لا يفسدها.وينبغي ألا يعيق الإمام مسكه للميكرفون عن فعل السنن، كقبض اليد اليسرى أثناء القيام، ووضع اليد ولو بعضها على الركبة عند الركوع، ولا أن يعيقه عن الواجب من وضع اليد على الأرض في السجود.ووضع اليدين على الأرض في السجود سنة عند الحنفية.قال الزيلعي رحمه الله: ” قال رحمه الله: (ووضع يديه وركبتيه) يعني وضعهما على الأرض حالة السجود؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: “أمرت أن أسجد على سبعة أعظم” وعد منها اليدين والركبتين، وهو سنة عندنا؛ لتحقق السجود بدون وضعهما، وأما وضع القدمين: فقد ذكر القدوري أنه فرض في السجود” انتهى من تببين الحقائق (1/ 107).وفي حاشية الشلبي عليه: ” قال الكمال: وأما افتراض وضع القدم، فلأن السجود مع رفعهما بالتلاعب أشبه منه بالتعظيم والإجلال، ويكفيه وضع إصبع واحدة. اهـ” انتهى.فيكفي وضع بعض اليد في السجود.ولو جعل لاقطا للصوت أمامه وهو قائم، وآخر على الأرض، كما هي العادة في كثير من المساجد، لكان خيرا له، ولأغناه عن الإمساك بيده، والحركة بالميكروفون في الصلاة.والله أعلم.